الأحد، 25 يوليو 2010

الكاشف للخفاء في نظم قواعد الإملاء

إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد ألا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم تسليما، أما بعد:
فهذه منظومة جمعت فيها أهم قواعد الإملاء ومسائله، سميتها: «الكاشف للخفاء في نظم قواعد الإملاء» متفائلا أن يُكْشَف بها بعضُ الغموض والخفاء الذي قد يعتري الدارس في كِتَابَتِه. استقيت مادتَهَا من مراجع الإملاء ومصادره القديمة والحديثة التي تَيَسَّر لي الوقوفُ عليها، أَشَرت إلى الكثير منها في الشرح، والبعضُ الآخر أثبته في لائحة المصادر والمراجع.
وقد اخترت هذه المنظومة موضوعا لبحث الإجازة، والذي حفزني على هذا الاختيار أمورٌ منها:
1 - تيسيرُ قواعد الإملاء وتقريب تناولها عن طريق النظم، ولا يخفى ما للنظم التعليمي من فائدة في ترسيخ مسائلِ فنٍّ من فنون العلم، وتيسير حفظها على الطلاب، وسهولة حصر تفريعاته المنتثرة ولَمِّ شَعَثها، فمن المعلوم أن الكلام المنظوم يَتَفوَّق على نظيره المنثور بسهولة الحفظ والاستذكار. فالمنظومات العلمية تحتل مكانة متميزة من مكتبة التراث العربي، وقد أُولِع بهذا الضرب من التأليف المتأخرون خاصَّة، لما فيه من فوائد نافعة لطُلاَّب العلوم.
2 - أنه تحقيق للفكرة التي ظلت تراودني منذ فترة، وهي أن يكون الموضوع الذي أختاره لبحث الإجازة من الموضوعات التي تضيف شيئا جديدا للدرسات اللغوية، وأحسبني بِهذا النظم قد حققت هذا المراد، خصوصا أنني لم أطَّلِع -حسب علمي- على نظم في هذا الباب.
3 - الرغبة في أن يكون هذا العمل لَبِنَةً في إصلاح بعض الأخطاء الشائعة في الكتابة العربية، فكثيرا ما يكون الخطأ الإملائي سببا في تحريف المعنى وعدم وضوح الفكرة، وهو أيضا يحول دون فهم المادة المكتوبة فهما صائبا.
4 - كون موضوع الإملاء فرعاً مُهِمّا من فروع اللغة العربية، وهو من الأسس المهمة في التعبير الكتابي. وإذا كانت قواعد النحو والصرف وسيلة لصحة الكتابة من الناحية الإعرابية والاشتقاقية، فإنَّ الإملاء وسيلة لها من حيث الصورة الخطية.
وقد جعلت المنظومة في مقدمة وخمسة أبواب وخاتمة.
فأشرت في المقدمة بعد الحمد والصلاة إلى موضوع المنظومة، وإلى تسميتها.
أما الباب الأول؛ فتناولت فيه الهمزة، وأوردت فيه ثلاثة مباحث: الهمزة أَوَّل الكلمة، الهمزة آخر الكلمة، ثم الهمزة المتوسطة.
والباب الثانِي: خصصته للكلام على الألف اللينة، وأوردت فيه من المباحث: الألف اللينة وسطا، الألف اللينة طرفا، معرفة الواوي واليائي، الألف المبدلة عن ياء المتكلم، الألف من نون التوكيد الخفيفة ومن نون (إذن).
والباب الثالث: تناولت فيه الحروف التي تزاد، وأشهرها الواو والألف.
والباب الرابع: تناولت فيه الحروف التي تحذف، وضمنته من المباحث: حذف الألف أولا، وتحته من المسائل: حذف ألف (ابن) وألف (ابنة)، حذف ألف (اسم) من البسملة، حذف ألف (أل) ومواضعها، حذف ألف (أم) في نحو (ويلمه). ثم أتبعت ذلك بالمباحث الأخرى، وهي: حذف الألف وسطا، حذف الألف آخرا، حذف (أل) والواو والياء، حذف النون، الحذف لأجل الرمز.
أما الباب الخامس: وهو آخر الأبواب، فقد خصصته للكلام عن الفصل والوصل، مبتدئًا بذكر مبحث الفصل، ومثنيا بِمبحث الوصل، وتحته من المسائل: وصل (من) بما قبلها، وصل (ما) بما قبلها، وصل (لا) بما قبلها.
وعدد أبيات المنظومة مائة وسبعة وسبعون بيتا، قمت بإثبات متنها في أول البحث، ثم أتبعتها بشرح مختصر يوضح أبوابها ومسائلها، ويضيف إليها فوائد زوائد اقتنصتها من كلام العلماء رحمهم الله.
وطبيعة هذا البحث تعتريها بعض الصعوبات التي تتجلى في العسر والمشقة الحاصلين من نقل كلام منثور إلى قالب موزون منضبط بقيود وضوابط، خصوصا إذا علم أن هذا الكلام يتضمن مسائل وقواعد وتفريعات لا بد من مراعاتها وعدم إغفالها؛ فقد تجد الوزن أحيانا لا يسعفك لنظم بعض المسائل، ولا تجده منقادا إلا بعد رَوِيَّة وإدمان فكر.
ومن الصعوبات التي واجهتني كذلك: التباين والاختلاف الذي كنت ألحظه في بعض مراجع الإملاء التي اعتمدتها، خصوصا في بعض الأبواب كالهمزة، وكذلك كثرة التفريعات والتشعب الذي مال إليه بعض الباحثين دون ترتيب أو تقعيد. وأشد من ذلك وجود مراجع أخرى عمد أصحابها إلى حشوها بكثرة النصوص الشعرية والنثرية، وأغفلوا جانب القواعد والضوابط، فلم يتناولوا منها إلا العمومات.
وقد حاولت في هذا العمل بذل المجهود بعون المعبود في إيصال المقصود، فإن وجد فيه الباحث فضل إحسان وإتقان؛ فلله المنَّة أولا وآخراً، وإن كان فيه من زلل وعوج فمني، وما أبرئ نفسي، فالنقص مستول على سائر الخلق.

حمل من هنا


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق